نفّذت إسرائيل تهديداتها في جنوب سوريا، وتقدّمت نحو مناطق بين القنيطرة و درعا، في محاولة ابتلاع مساحات سورية جديدة تحت عنوان ضبط الامن على حدودها، "لعدم تكرار ما حصل في جنوب لبنان". لكن المراقبين اكدوا لـ"النشرة" أنّ ذريعة الاسرائيليين لا تنطبق على ارض الواقع، "بل ان تل ابيب تسعى إلى دعم مشروع تقسيم سوريا، واقتطاع مناطق حدودية لضمّها إلى إسرائيل، وتكرار تجربة الجولان المحتل".
واذا كانت دمشق تواجه تحدياً خطيراً يتعلق بأراضيها، خصوصاً ان تمدد الجيش الاسرائيلي يصل إلى مشارف ريف دمشق الجنوبي، فإنّ اللافت هو سحب القيادة السورية الجديدة اسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة من المناطق الجنوبية، نحو العاصمة السورية، بينما كانت إسرائيل تستهدف مواقع عسكرية في منطقة الكسوة في ريف دمشق امس.
وبحسب المعلومات، فإن تهديدات الاسرائيليين بعدم السماح بدخول قوات الجيش السوري الجديد نحو الجنوب، يخفي خلفه رغبة اسرائيلية بدعم تقسيم سوريا، وضمان قيام دويلة في السويداء، و ايضاً درعا والقنيطرة، بعيداً عن سلطات الحكومة السورية الجديدة، خصوصاً ان النفوذ في تلك المناطق موزّع اساساً بين مجموعات درزية، وقوات احمد العودة، ومجموعات إسلامية، وهو ما كان موضع بحث بين الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس السوري احمد الشرع اليوم في عمّان.
ويقول المراقبون لـ"النشرة" ان تل ابيب ضغطت دولياً لإبقاء سلطة الكرد قائمة ما بين شرق وشمال سوريا، لتنفيذ حكمهم الذاتي ايضاً بعيداً عن سلطة دمشق، في وقت تحاول إسرائيل تحريض العلويين على تأسيس دولتهم في الساحل السوري، لكن العلويين لا يتجاوبون مع الإغراءات، ولا يزالون يفضلّون الدولة السورية الواحدة لغاية الآن، رغم كل العمليات الانتقامية التي تحري بحقهم، وإبعادهم عن ادارات الدولة، ومحاولة الغاء وجودهم في المؤسسات والحياة العامة.
وترصد تركيا تلك المستجدات بحذر، وهي تعتبر أن أي تطور في الساحل السوري يمسّ بأمنها القومي، علماً ان سياسيين علويين أتراك حاولوا طرح مشروع ضم الساحل المذكور إلى لواء الاسكندرون ليكون تحت راية تركية، لكن الطرح غير قابل للترجمة في حسابات العلويين السوريين، الذين يتبادلون الأحاديث عن الفيدرالية، كحل مطروح في حال لم تحصل مصالحة حقيقية مع السلطات الجديدة.
وازاء ذلك، تبقى كلُّ الخيارات السورية متاحة، سواء بطرحي الفدرالية او التقسيم، في حال فشلت القيادة الجديدة في عملية لم الشمل السوري، وفرض النفوذ بالقوة او بالإتفاق، ما بين الجنوب والشرق والشمال، والتحاور مع اهالي الساحل لإيجاد ثقة بينهم وبين دمشق الجديدة، بعدما جاءت نتائج مؤتمر الحوار الاول خاوية عملياً.